مثلما تشكل الوظيفة حلم الكثيرين ، يمثل الالتحاق بالوظيفة ذاتها حالة من التهيؤ والترقب وأحياناً الإرباك نظراً لما تحدثه الوظيفة من تغيير كبير في حياة الموظف ملئ بالتبعات المختلفة، فمن التفكير في البحث عن منزل قريب من مقر العمل الجديد تحاشياً للازدحام المروري الذي يخنق أغلب المدن ، إلى شد الحقائب والسفر من القرية أو المدينة البعيدة إلى مقر العمل الجديد ، يظهر مدى التبعات التي يحدثها الارتباط بعمل في منشأة ما.
لكن التقنية اليوم وهي تبلغ أوجها قد أسقطت كثيراً من المتاعب التقليدية في عملية الإنتاجية ، وخلقت فرصاً أمام الناس وأمام قطاع الأعمال في الوقت ذاته لمزيد من الشراكات وفتح المجالات أمام المهنيين والمنتجين ليقدموا ما لديهم من عطاءات بغض النظر عن المكان الجغرافي الذي يقيم به أولئك .
فقد يكون موظف تصميم جرافيك يقيم في جدة ، لكنه يعمل لدى شركة بالرياض ، وقد يكون مصححاً لغوياً في الرياض يعمل لحساب مطبوعة في الخبر ، وقد يكون الشاب طارق التميمي الذي يسكن بحائل ، والعاطل عن العمل نموذجاً ، فهو يجد لنفسه مصروفاً ودخلاً جيداً من خلال قيامه بأعمال البرمجة عن طريق الإنترنت في إطار ما يسمى بالعمل عن بعد..فمن خلال حاسوب طارق يتلقى ويرسل خطوات تصميم البرنامج الذي يعمل حالياً على تصميمه لصالح شركة في الرياض ، وكأنه هناك بين موظفي تلك الشركة..يقول طارق أنه من شروط العمل عن بعد يشترط أن يكون النشاط الذي تقوم به يمكن تبادله عبر الانترنت أو أي وسيلة اتصال وهو محدد بعدة أعمال مثل التعليم عن بعد التصميم والبرمجة وقد تدخل مجالات غير ما ذكر إذا استوفت الشروط .
طارق يؤكد أن العمل عن بعد يوفر بيئة مناسبة للبعض ، معللاً ذلك بأن الإنتاجية تكون في أوقات في الغالب يختارها الموظف مما يجعله يستمتع بالعمل فيها ، ويبدع على حد تعبيره.
ويرى طارق التميمي أن الدخل المادي يعتمد على نوع العمل الذي يتم تقديمه ، لكنه أشار إلى كونه يتعامل مع البرمجة فإن العمل عن بعد يوفر له دخلا ماليا مناسبا كما يقول.
أبواب مشرعة
تبدو التقنية ماضية قدماً في فتح مجالات مهولة في سبيل العمل عن بعد ، والإنتاجية من مكان الإقامة ، مما يعني مزيداً من فرص العمل والتي يرى فيها مختصون قيمة اقتصادية جيدة ، ومزيداً من تقليل التكلفة على قطاع الأعمال.
في هذا الصدد يرى الباحث في مجالات الإنترنت د. عبدالعزيز الزومان أن العمل عن بعد يمثل فتحاً جديداً في عمليات الإنجاز ، ويتواءم ومتطلبات الحياة العصرية ، ويقفز في الوقت ذاته على مشكلات الحياة اليومية بكل تعقيداتها ، ويرى أنه قد يساهم في تخفيف الازدحام في المدن المزدحمة ، وقد يوفر على الشركات الكثير ، بحيث تكون مقارها ليست كبيرة ومكلفة لتستوعب أعداداً كبيرة من الموظفين ، كما أن عدداً من الموظفين قد يكونون خارج تلك المدينة لكنهم يكونون في العمل من خلال الاتصال المباشر بها عن طريق الشبكة.
وقال إن العالم اليوم يستفيد مما توفره التقنية بشكل هائل ، وإحدى صور تلك الاستفادة على مستوى قطاع الأعمال هو العمل عن بعد ، وأشار د.الزومان إلى أن دراسة اشترك في إعدادها قبل فترة قد شملت تجربة العمل عن بعد في المملكة ، وقال لقد بحثنا في ذلك الوقت عن أوجه الاستفادة من خدمات التقنية في مسألة العمل عن بعد .
تعليقات